استدعى البيت الأبيض قائد القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال للمثول شخصيا بغرض تقديم تفسيرات عن تعليقات ساخرة وجهها هو ومساعدوه للرئيس الأميركي باراك أوباما وكبار مساعديه في حديث صحفي.
وقال أحد مساعدي أوباما إن ماكريستال أُمر بالحضور بنفسه يوم الأربعاء لمقابلة في البيت الأبيض يوضح فيها تصريحاته وانتقاداته للإدارة التي تحدث بها لصحيفة رولينغ ستون.
وقد اعتذر ماكريستال أمس الاثنين عن سخريته ونقده لأوباما وإدارته وخصوصا جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي والسفير الأميركي في أفغانستان كارل آيكنبري.
وقال ماكريستال في بيان "أقدم خالص اعتذاري عن هذه الصورة الخاطئة التي تعكس حكما غير سديد وما كان يجب أن تحدث".
وذكر أنه يكنّ احتراما كبيرا وإعجابا بالرئيس أوباما وفريقه للأمن القومي وأيضا الزعماء المدنيين والقوات التي تخوض هذه الحرب و"ما زلت ملتزما بالعمل على ضمان إنجاحها".
وشدد على أنه حافظ طيلة سنوات عمله على مبدأ الحفاظ على سمعته الشخصية والاستقامة المهنية، مشيرا إلى أن ما ورد في هذا المقال يقل كثيرا عن هذا المستوى.
وسيجلس ماكريستال يوم الأربعاء وجها لوجه مع الأشخاص الذين سخر منهم وانتقدهم، بعد أن كان يُكتفى عادة بالاجتماع عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.
ردود
نداءات غاضبة من مواليين للإدارة الأميركية تتعالى مطالبة بعزل ماكريستال من منصبه.
وأضافت أنه كانت هناك بحقه انتقادات منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي بأنه يحاول أن يفرض على الإدارة الأميركية سياساته بدل أن ينفذ هو سياسات الإدارة.
كما عبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميرال مايك مولين عن خيبة أمله من تعليقات ماكريستال، وتحدث إليه مبديا انزعاجه من تعليقات مساعديه ومن المقال نفسه.
وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد صرح الأحد بأن ماكريستال وقادة عسكريين آخرين واثقون من أن الحملة ضد طالبان وخصوصا في الجنوب الأفغاني تسير في الاتجاه الصحيح.
وقد تولى ماكريستال منصبه في يونيو/حزيران 2009 خلفا للجنرال ديفد ماكيرنان الذي عزله غيتس بعد أن نفد صبر واشنطن من الخطط التقليدية التي فشلت في تهدئة العنف، بحسب محللين.
وقد أبدى حلف شمال الأطلسي دعمه لماكريستال إذ أعلن متحدث باسمه في بيان أن "مقال رولينغ ستون مؤسف للغاية، لكنه مجرد مقال.
إننا في خضم صراع حقيقي للغاية والأمين العام لديه ثقة كاملة في الجنرال ماكريستال بوصفه قائد الناتو وفي إستراتيجيته".
وتأتي المقابلة لتظهر أن هناك شرخا بين القيادة العسكرية ومساعدي أوباما المدنيين –بحسب مراسلة الجزيرة- وفي وقت حرج للرئيس الأميركي والبنتاغون على حد سواء.
فأوباما مشغول بالتسرب النفطي في خليج المكسيك الذي تسببت به شركة بي بي، ومحاولة تمرير تشريعات لإعادة تنظيم عمل الهيئات المالية، والعمل على منع الجمهوريين من استعادة قوتهم في الكونغرس بانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
سخرية ماكريستال
ويسخر الحديث الذي ستنشره مجلة رولينغ ستون يوم الجمعة من جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي إذ يتهكم الجنرال على اسم عائلته فيقول "هل هو بايدن أو بايت مي؟".
وقال أيضا إنه شعر بأنه تعرض "للخيانة" من قبل السفير الأميركي في كابل ووصفه بأنه "شخص يسعى إلى حماية نفسه، وهكذا في حال فشلنا سيكون بإمكانه أن يقول سبق أن حذرتكم من هذا".
كما سخر أيضا من المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك، وقال بعد أن نظر إلى هاتفه النقال "إنها رسالة إلكترونية أخرى من هولبروك لا أرغب حتى في مجرد فتحها".
وتعليقا على لقاء ماكريستال بالرئيس الأميركي قال أحد مستشاري ماكريستال -مفضلا عدم الكشف عن هويته- إن الجنرال لم يخرج بانطباع جيد من لقاء مع أوباما في البيت الأبيض بعيد تعيينه على رأس العمليات في أفغانستان.
وأضاف المستشار "كان لقاء استمر عشر دقائق بغرض التقاط الصور"، وتابع "لم يكن أوباما يعرف شيئا عنه ومن يكون، لم يبد الكثير من الاهتمام". وقال إن رئيسه ماكريستال "خاب أمله كثيرا".
كما سخر مساعد آخر لماكريستال من مستشار الأمن القومي جيمس جونز -وهو جنرال متقاعد- ووصفه بأنه "مهرج ما زال عالقا في العام 1985".
تعليق
هذا مثال واضح على مدى تحكّم الجيش الأمريكي في السياسة الأمريكية. كما يُوَضِّح هاذا التصرف كم اقتربت الحكومة الأمريكية من وقوعها تحت السيطرة الكاملة من الجيش. الحكومة قلّصت معظم النفقات الهامة في البلاد ما عدا النفقات العسكرية فإنّها ازدادت مع ازدياد مساحة الرقعة الجغرافية للتدخل العسكري في العالم. هل هاذا في صالح أمريكا؟ لقد تعلم الجيش الأمريكي هذا التصرف من دول أخرى تستشري الدكتاتورية العسكرية فيها فمن أين يا تُرى تعلّمها؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق